الأخبار
  • جاري التحميل...

ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب

 


 


 


                                         


                

الأرقام الأخيرة التي كشفت عن ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب ما هي الأسباب الرئيسية التي أدت إلى هذا الوضع؟

اكيد ان بطالة الشباب بلغت الى نسب غير مسبوقة حيث وصلت الى 36.7%،  وهي نتيجة تفاعل عدة عوامل بنيوية واقتصادية، أولا هناك عدم تطابق بين التكوين الأكاديمي وسوق الشغل، حيث لا تزال العديد من الجامعات والمعاهد تخرج أفواجا من الطلبة دون أن توفر لهم المهارات المطلوبة من طرف المشغلين، مما يخلق فجوة كبيرة بين العرض والطلب في سوق العمل، و الذليل على ذلك ان نسبة البطالة في صفوف حاملي الشهادات بلغت %19,6 في صفوف الشاب.

ثانيا، تراجع فرص التشغيل في بعض القطاعات الحيوية زاد من تعقيد الأزمة، كما هو الحال في قطاع الفلاحة الذي فقد 137.000 منصب شغل، وهو ما أثر بشكل خاص على الشباب في العالم القروي، على العكس، نجد أن قطاع الخدمات تمكن من إحداث 160.000 منصب، لكن هذه الزيادة لم تكن كافية لاستيعاب العدد الكبير من الشباب الباحثين عن العمل.

ثالثا،  النمو الاقتصادي الوطني رغم تحقيقه لإنجازات مهمة، لا يزال غير قادر على خلق فرص شغل كافية، فنحن لم نستطع بعد البلوغ الى مستويات كافية من النمو لترجمتها الى فرض تشغيل قادرة على المساهمة في حل اشكال البطالة فنسبة النمو بالكاد تتجاوز 3 في المئة ، فالقطاع الخاص يواجه تحديات مرتبطة بالمنافسة والاستثمارات، في حين أن القطاع العمومي لم يعد قادرا على استيعاب أعداد كبيرة من الخريجين كما كان في السابق.

في ظل هذه التحديات، هل يمكن اعتبار العمل الحر والعمل عن بعد بديلا وحلا لهذه المشكلة؟

نعم، العمل الحر والعمل عن بعد يمكن أن يكونا حلا واعدا، خاصة مع الثورة الرقمية التي غيرت ملامح سوق الشغل عالميا، اليوم أصبح بإمكان الشباب الاستفادة من الفرص التي تتيحها التكنولوجيا في مجالات مثل البرمجة، التسويق الإلكتروني، تصميم الجرافيك، كتابة المحتوى، وحتى تقديم الخدمات الاستشارية عن بعد.

هذه الأنماط من العمل تمنح الشباب حرية أكبر، وتمكنهم من الاشتغال مع شركات خارجية أو حتى إطلاق مشاريعهم الخاصة دون الحاجة إلى انتظار وظيفة تقليدية، كما أنها تساهم في إدماج فئات واسعة، خصوصًا في المناطق التي تقل فيها فرص الشغل، حيث يمكن لأي شخص يمتلك المهارات المطلوبة أن يشتغل مع عملاء من مختلف أنحاء العالم.

لكن، لكي يكون العمل الحر والعمل عن بعد حلا حقيقيا، لا بد من توافر عدة شروط، أولا، يجب الاستثمار في التكوين الرقمي وتعليم اللغات، خصوصا الإنجليزية، حتى يكون الشباب قادرين على المنافسة عالميا، ثانيا لا بد من تأطير هذه المهن قانونيا حتى يحصل العاملون لحسابهم الخاص على حقوقهم الاجتماعية، مثل التغطية الصحية والتقاعد، وثالثا ينبغي أن يكون هناك دعم حكومي يشجع الشباب على دخول هذا المجال، سواء عبر برامج تكوينية، أو عبر تحفيزات ضريبية للمستقلين وأصحاب المقاولات الصغرى.

و رغم ذلك فلا يمكن الجزم بأن العمل الحر او عن بعد هو المستقبل الوحيد، لكنه بلا شك جزء مهم من الحل، المستقبل يكمن في تنويع الفرص أمام الشباب، سواء عبر دعم التشغيل التقليدي في القطاعات الإنتاجية أو عبر تمكينهم من أدوات العمل الحر، فإذا تم اعتماد رؤية شمولية تأخذ بعين الاعتبار التحولات الاقتصادية والتكنولوجية، يمكن تقليص معدلات البطالة بشكل ملموس، وإدماج الشباب في سوق الشغل بطرق جديدة وأكثر استدامة.

 


Post a Comment

أحدث أقدم